1ـ نظراً إلى أنّ القوّات العسكريّة الأمريكيّة تصرّ كثيراً على البقاء في منطقة «شرق الفرات» السوريّة، ما هو العنصر أو العناصر التي تلخّص أهميّة هذه المنطقة؟ ما هي الأهداف التي يسعى الأمريكيّون لتحقيقها في شرق الفرات؟
تسمى المنطقة التي يحتلها الأميركيون في شرق الفرات بمنطقة الجزيرة، وهي المنطقة التي تشكل اهراءات الحبوب لسورية، وطالما تمتعت سورية بالاكتفاء الغذائي بفعل حجم الثروة الزراعية التي توفرها منطقة الجزيرة، وقد كان هذا أحد أسباب الاحتلال الأميركي لها، اضافة الى موقعها الاستراتيجي على المثلث الحدودي لسورية والعراق وتركيا ، و اضافة للمخزون الذي كانت تؤمنه لسورية من نفط وغاز، والذي كان يؤمن لها اكتفاء في موارد الطاقة سواء لإنتاج الكهرباء لكل سورية أو لتوفير حاجات السوق السورية من المشتقات النفطية، ويمكن القول وفقا للأرقام الرسمية السورية قبل الحرب أنه لو بقيت هذه المناطق في عهدة الدولة السورية، فإن التعافي الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي عبر توافر الكهرباء والمشتقات النفطية بأسعار مناسبة، وتنشيط الحركة الاقتصادية، وتحقيق الاكتفاء الغذائي، كان سيضمن استغناء سورية عن أكثر من ثلاثة أرباع موازنة الاستيراد الحالية التي تتسبب بالضغط على أسواق الصرف والتأثير سلبا على سعر الليرة السورية.
وهذا يدل على أن قرار احتلال شرق الفرات من قبل الأميركيين، كان بمثابة الرد على نجاح الدولة السورية بتحرير أغلب أراضيها من أيدي الإرهابيين، كبديل عن عجز أميركا وحلفائها عن خوض مواجهة عسكرية ثبت أن سورية وحلفائها باتوا قادرين على إفشال أهدافها، كما ظهر في الحرب على داعش، التي بشر الأميركيون أنها ستمتد لأكثر من عشر سنوات كما قال يومها باراك أوباما، وكما جاء كلام خلفه دونالد ترامب الذي قال بأن داعش كانت صنيعة أميركية.
2ـ هناك أخبارٌ تفيد بشيوع التلوّث البيئي في شرق الفرات بسبب سرقة النّفط واستخراجه من الآبار النفطيّة في هذه المنطقة بواسطة الأمريكيّين بعيداً عن الالتزام بالمعايير. كيف ترون التداعيات البيئيّة للخطوات التي تتّبعها أمريكا في شرق الفرات؟
لقد أمسك الأميركيون مفاتيح التوازن الإقتصادي والمالي والاجتماعي والغذائي للسوريين عبر احتلالهم لشرق الفرات ، كما أمكسوا بمفاتيح التوازن السياسي والسكاني والعسكري بالاستيلاء على المعابر الحدودية بين سورية والعراق، ووفروا الغطاء لقيام كانتون كردي مسلح يهدد وحدة سورية، ويكفي النظر لكيفية إدارة الثروات الزراعية والنفطية بعبثية وتخريب لمعرفة إرادة إلحاق الأذى بالبيئة والتربة والمياه، التي يريد الأميركيون التسبب بها، بعدما أحرقت وأتلفت حقول القمح، ودمرت الآبار وتحولت إلى استثمارات موضعية لعصابات تنهب مخزونها وتقوم بتكريره لبيعه بشروط غير صحية، وغير ملائمة للمعايير الدولية، وبطرق بدائية مدمرة للبيئة.
3ـ لطالما تحدّث الإمام الخامنئي حول ضرورة احترام سيادة الأراضي لكافّة الدّول ومنها سوريا. هذا يعني أنّ تواجد القوّات الأجنبيّة على أراضي كلّ بلد لا بدّ أن يحظى بإذن ودعوة من حكومة ذاك البلد. وقائد الثورة الإسلاميّة قد أكّد على ضرورة طرد الأمريكيّين نظراً إلى أنّ تواجدهم في سوريا غير قانوني. ما هي الخطوات التي ينبغي اتّباعها من وجهة نظركم من أجل تحقيق هذا الأمر المهمّ؟
تدرك سورية كما حليفتيها إيران وروسيا منذ وقوع الاحتلال الأميركي، أن الطريق لاستعادة وحدة سورية وضمان سيادتها يبدأ بزوال الاحتلال الأجنبي، الذي يمثله الوجود العسكري غير الشرعي وغير القانوني لأميركا، لكن الأولوية التي فرضت وجودها مع ظهور تنظيم داعش والخطر الذي كان يهدد بسقوط مزيد من المناطق السورية والعراقية تحت سيطرة هذا التنظيم الإرهابي، فرض لسنوات وضع كل الإمكانات لهزيمة التنظيم الإرهابي.
وهذا ما كان لسنوات طويلة مضت عنوان التحالف الثلاثي السوري الإيراني الروسي في الأراضي السورية، وكانت خارطة الطريق في مسار أستانة تقوم على أولوية إنهاء الاحتلال الأميركي، لأهمية تحرير الثروات السورية الحيوية التي يحتجزها، وتوفير مصادر قوة استثنائية لمشروع الدولة السورية وتحمل مسؤولياتها تجاه مواطنيها، وطالما كانت سورية تعول على موقف إيران كسند لها في الدفع بهذا الإتجاه، سواء لمكانة إيران في التأثير على الحسابات التركية، بحكم حجم العلاقات الإيرانية التركية، أو لدور إيران ومكانتها في تسريع انضمام روسيا إلى خارطة الطريق هذه.